الأحد، 10 مايو 2015

زيارة

إعداد : أفراح تاج الختم

 كانت الخرطوم سابقاً واحدة من أجمل العواصم من حيث العمران، والشاهد على ذلك عدد من المباني التي شيِّدت في فترة الحكم الإنجليزي، ما زالت تقف شامخة بكامل هيئتها كدليل حاضر على ذلك التطور العمراني. وقد احتضنت الخرطوم جاليات عدة من الأجانب، منهم المصريون والشوام واليونانيون وغيرهم، فأدخلوا معهم بعض فنون العمارة، بينما اشتهرت مدينة أم درمان ببيوت الجالوص التي يرجع تاريخ بنائها إلى فترة المهدية، وبعضها ما زال يقف صامدًا، وكذلك ضمت بعض البيوت الحديثة في ذلك الوقت. (الخرطوم الجديدة) قامت بجولة سياحية عبر هذا التاريخ الحضاري العمراني، فحصدت الدهشة والمعلومات ما بين منزلي (أحمد نور) و(المطبعجي).
ملكية خاصة جداً

منزل العم أحمد نور، الذي شيّد في عام 1930م بشارع صالح باشا بالخرطوم، وهو معلم أثري يحتفظ بكل تفاصيله القديمة في حي الترس، سابقاً ومنزل إسماعيل المطبعجي في منطقة بيت المال بأم درمان، الذي شيّد أيضاً في تلك الفترة، ويقف المنزلان بنفس المتانة والقوة ولم تهب عليهما رياح التغيير، ولم تؤثر فيهما الظروف البيئية والمناخية...

 وجدنا منزل (أحمد نور) بعد بحث مضنٍ عنه، لأن كل المباني في شارع صالح باشا هي مبان تجارية واستثمارية، باعها مُلاكها ولم يتبق منها إلا هذا المنزل، ومعه منزل آخر. يقع منزل (أحمد نور) على مفترق ثلاثة شوارع؛ الرئيسي منها شارع صالح باشا، وما يشد انتباهك وأنت أمام المنزل النوافذ الخشبية القديمة كبيرة الحجم (المشربيات). طرقنا الباب ورحب بنا العم أحمد، فكان حديثه ممتعاً وجميلاً وهو يحكي لنا بهدوء مثل هدوء منزله الذي لا تسمع فيه إلاّ زقزقة العصافير.. قال إنه من مواليد عام 1944م وعمل موظفاً في مجال البنوك، وإن والده دخل الخرطوم منذ بداية القرن التاسع عشر، وكان من الموظفين، وعندما تقاعد تم إعطاؤه هذا المنزل في هذا الحي، وكان يسمى سابقاً حي الترس، يقول: "شيّد والدي هذا المنزل في عام 1930م، مساحته 727متراً، وكانت مصلحة تنظيم الأراضي في تلك الفترة هي التي تمنح الخريطة للمنزل".
تكييف ذاتي
 وعن المواد التي استخدمت في تشييد المنزل، يقول إن المنزل مبني من الطوب الأحمر من الخارج، والأخضر من الداخل، وتسمى هذه الطريقة في البناء (قشرة)، ويكون داخل المنزل من الطوب الأخضر حتى يكتسب المنزل البرودة، ومن الداخل يطلى المنزل بالرمل والصمغ ثم يدهن بالبوماستك، أما السقف فيكون مرتفعاً بشكل حرف ( L) وارتفاعه 5 أمتار لجذب الحرارة، وفي فصل الصيف يكون المنزل بارداً من الداخل، والخشب المصنع منه السقف من نوعية لا تتأثر بعوامل الجو، ويصب على سطحه (الزفت) مخلوطاً بالطوب المكسر مع الأسمنت. وعن خشب الشبابيك يقول إن نوعيته تناسب البيئة السودانية، فهو مقاوم لحرارة الجو والمطر، فالشبابيك من الخارج مصنوعة من الخشب، ومن الداخل نصفها زجاجي. وقال إنهم لم يغيروا بلاط الأرضيات منذ إنشاء المنزل وحتى اليوم بسبب جودته ومتانته.
تفاصيل أخرى
يضم المنزل «9» غرف، بجانب البرندات ذات الأعمدة الأسمنتية، وهي من تصميم مصري وأصلها من فن العمارة الإغريقية، ويقول العم أحمد إن نظام الصرف الصحي في المنزل يعود إلى عام «1959م» وقبله كانت الحمامات بعيدة من المنزل. تجولنا معه في الداخل، المطبخ يدهشك تصميمه، لم تطله يد التغيير إلا بإضافة البوتاجاز الذي يوجد بالقرب من فرن مبني بالخرصانة في مسطبة، والفرن أشبه بالبوتاجاز كبديل (للكانون) ويعمل بالفحم، وهي فكرة استمدها صاحب المنزل الأول من الريف الإنجليزي في إحدى سفراته، ويقول العم أحمد إنهم كانوا يستخدمونه سابقاً وحالياً عندما لا يتوافر الغاز، والشبابيك مطلة على الشارع لإخراج روائح الطعام، والمطبخ به نملية ودولاب من الخشب ملصقاً مع الحائط، ويحتوي المطبخ أيضاً مغسلة لغسل الأواني بنيت كذلك مع المطبخ، وكل جزء من منزل العم أحمد لم تطله يد التغيير، وكما قال العم أحمد إنه لم يقم بتغيير أي شيء في المنزل سوى أنه يقوم سنوياً بصيانته بإضافة فلنكوت لسقف المنزل ويطلي ما يحتاج طلاء، وفي داخل الغرف توجد عناقريب المخرطة بحبالها المصنوعة من السعف منذ عام «1930م» كذلك لم تستبدل بأي نوع من الأسرة الخشبية أو المصنوعة من الحديد، وأيضاً كراسي الجلوس المصنوعة من الخشب القديم الموجودة في الاستقبال، وكذلك زينة المنزل، وهناك أباجورة من النحاس مطعمة بالفيروز تضيء منذ عام تأسيس المنزل والهاتف هو الآخر ما زال على هيئته منذ العام 1955م وكانت قيمة الاشتراك فيه 750 مليماً وملحق بالمنزل حديقة جميلة تطل على المكتبة.
خطة إسكانية
قبل أن نودعه ذكر لنا العم أحمد نور أن الخرطوم قديماً كانت شوارعها مسفلتة وبها إضاءة وكلها كانت خضراء حتى أطلق عليها (the green grand )  وكانت غاية في النظافة، وأن أول خطة سكنية بها نفذت في عهد ونجت باشا وقسمت الخرطوم إلى قسمين؛ شرق وغرب، أي شرق شارع القصر (فكتوريا) وغربه، حيث يقع حي الترس الذي أسس في العشرينيات من القرن الماضي، وكان عبارة عن (سواقي) وكل ساكنيه من الموظفين الأقباط، ولكنهم هاجروا منه نسبة لتوسع الأسر والورثة ومن أشهرها أسرة البارون وأسرة سليم الدحاج.
دار المطبعجي
وفي مدينة أم درمان بحي بيت المال زرنا منزل إسماعيل المطبعجي الذي شيّد كذلك في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، والمنزل شهد دخول أول مطبعة إلى السودان بوساطة جد الأسرة إبراهيم المطبعجي، وهو من المنازل التي ما زالت تبدو جميلة ومميزة. الأستاذ الجامعي إسماعيل المطبعجي صاحب المنزل اليوم حكى لنا عن تاريخ منزلهم وقال إن المنزل قام بتشييده المقاول والمهندس حسين عبد الحق، وهو أحد الذين أسهموا في بناء بعض دواوين الحكومة، والمنزل مشيد بنوعية من الطوب كبير الحجم وهو خليط من الطوب الأحمر والأخضر ويسمى (قشرة) وقد كان الطوب في تلك الفترة مختوماً بختم من الحكومة، ويضيف المطبعجي أن المنزل من الداخل مبيض بالرمل المضاف إليه الصمغ العربي ويعطي نفس متانة الأسمنت وبعدها يصبح لون المبنى أحمر داكناً من الداخل ويمكن طلاؤه بالجير المحروق أو تركه من غير طلاء، وسقف المنزل من الخشب الصناديق الذي تم استجلابه من السكة الحديد، وهو خشب متين مطلي بطلاء ضد (الأرضة)، وحتى المزاريب (السباليق) مصنوعة من حديد مقاوم للصدأ وتعمل بجودة إلى الآن، والبرندات بها تقويس على الجنبات يسمى (آرشات). ويضيف المطبعجي أن الشبابيك في المنزل من خشب السنط، والبلاط في الأرض إنجليزي ومختوم أيضاً، وبه لونان؛ أسود وأبيض، وفي تلك الفترة لا يستخدم البلاط إلا في الديوان وهو أعلى مبنى في المنزل ويكون مرتفعاً من الأرض وله مدرج (سلالم).

الأحد، 3 مايو 2015

المسرح الأفريقي.. مسرح الهواء الطلق

إعداد: أسامة شيخ إدريس
إن أفريقيا هي صانعة هذا الفن بدون مبالغة، وذلك عبر الطقوس القديمة الروحية والدينية التي كانت سائدة في أفريقيا، وبعضها ما يزال، غير أن المسرح الأفريقي القديم بمجمله كان فناً جماعياً وليس فردياً.. بل لعلنا نرى أن تاريخية المسرح الأفريقي تكاد تكون مجهولة على خريطة الفن المعاصر في القرن العشرين.

إسماعيل طه.. هذه قصة التحاقي بـ(BBC)

حوار : شذى عبد الرازق


إسماعيل طه.. إعلامي وإذاعي تجاوزت نبرات صوته الفخيم فضاءات السودان إلى فضاءات أخرى أوسع انتشاراً ورحابة.. شد الرحال إلى إذاعة دبي بعد أعوام من عمله في الإذاعة السودانية ومنها غادر إلى ضفاف التايمز مذيعاً في هيئة الإذاعة البريطانية، قلبنا  معه ذكرياته من مورا إلى لندن فماذا قال في هذه المؤانسة؟