الأحد، 12 أبريل 2015

2015 يحمل بشريات زيادة انتاج النفط والذهب والعلاوات والبدلات للعاملين

في الذكرى الـ(59) للاستقلال

  تقرير: سنهوري عيسى
نثرت الذكرى الـ(59) للاستقلال المجيد الفرح وسط جماهير الشعب السوداني بتنسم عبير الحرية التى مهرها اجدادنا بدمائهم الذكية ، لتصبح ذكرى الاحتفال بالاستقلال سنويا وقفة للتأمل فيما صنع جيل الرواد وما ينتظر الجيل الحالي والمستقبل .. وفى سياق الوقفة والتامل والعظة سنجرى مقارنة ما بين  ما صنعه جيل الرواد في ادارة الشأن الاقتصادي وما بين ما يخطط له جيل الحاضر لصناعة مستقبل الاجيال القادمة من خلال قراءة فى موازنتي (1956 ، 2015)
 لنقف على كيفية ادارة الاقتصاد ومعرفة طبيعة المشكلة الاقتصادية زمان والان ، وهل سنعود الى المربع الاول فى بعد مرور(59) عاماً على الاستقلال ومرور (15) عام على استخراج النفط النفط السوداني ليصبح اقتصادنا زراعيا كما كان بعد الاستقلال ..؟ وما ملامح اول موازنة للاستقلال والموازنة الجديدة للعام 2015 والتى اجازها مجلس الوزراء كميزانية اساس لبرنامج خماسي لاصلاح اقتصادي مرتقب يتم عبره تجاوز المشكلة الاقتصادية التى تفاقمت بعد انفصال الجنوب فى يوليو من العام 2011.
واقع الاقتصاد بعد الاستقلال
أعتمد الاقتصاد السوداني بعد الاستقلال فى العام 1956 على الزراعة مورد رئيس للاقتصاد خاصة الصادرات الزراعية كالقطن الذي كان يطلق عليه ( ذهب السودان الابيض)، ولكن أصبح هذا الذهب مهملاً بعد استخراج النفط السوداني فى نهاية أغسطس عام 1999 ، ليقبع القطن او(الذهب الابيض) فى سلة المهملات وتتراجع مساحاته المزروعة وصادراته وبالتالي عائداته بل خرج القطن فى بعض المشاريع الزراعية من الدورة الزراعية، بينما كانت السمات العامة لأول موازنة بعد الاستقلال ( موازنة العام 1955/ 1956) التى قدمها أول وزير مالية سوداني بعد الاستقلال المرحوم (حماد توفيق حماد) تعتمد على القطن موردا رئيسيا للموازنة.
ملامح موازنة 1956
تلخصت أهداف السياسة الاقتصادية لـ(موازنة العام 1955/ 1956) فى عدة محاور من بينها الحد من الإنفاق من احتياطي العملات الأجنبية على الواردات غيرالضرورية والبنود غيرالمنظورة، وتوفير فائض كافٍ فى الميزانية يمكن الحكومة من مواجهة التزاماتها المتزايدة وتمويل مشاريع الانشاء والتعمير،وتشجيع المشروعات الإنتاجية التي تضطلع بها المؤسسات الخاصة.
فائض موازنة الاستقلال
وحدد المرحوم حماد توفيق الوسائل التي يمكن خلالها تحقيق الاهداف الثلاثة وهى تتمثل فى فرض قيود على الاستيراد للحد من الصرف بالعملات الاجنبية على المواد غير الضرورية، وتقييد تسهيلات الائتمان من الخارج لاستيراد السلع الاستهلاكية، الى جانب الحد من القوة الشرائية للمستهلكين وذلك بتوجيه البنوك بتقييد تسهيلات الائتمان خاصة تلك التي تزيد الوارد من السلع الكمالية وبالمقابل تقوم البنوك بتمويل المشاريع الانتاجية للمؤسسات الخاصة وزيادة الضرائب غيرالمباشرة على السلع الواردة ووضع القيود على المصروفات غيرالمنظورة .
وكشف الوزير المرحوم حماد توفيق عن تحقيق فائض فى ( موازنة العام 1955/ 1956) بلغ نحو (1.8) مليون جنيه والذي يعتبر أول فائض تحققه الميزانية العامة للدولة ،كما استطاعت الحكومة الوفاء بوعودها باتخاذ الاجراءات الاولية اللازمة لادخال أول عملة سودانية خاصة بالبلاد ( الجنيه السوداني)، حيث أوضح الوزير فى هذا الصدد انه تم الاتصال بالحكومة المصرية بشأن سحب العملة المصرية من التداول فى السودان .
حقيقة المشكلة الاقتصادية

لخص المرحوم حماد توفيق فى موازنة 1956 مشكلة الاقتصاد السوداني فى شيئين أولهما : ( صرف المواطن السوداني أكثر من دخله) بالميل الى العيش فى مستوى لا يتماشي ودخله او التكلف، وثانيهما : الاتجاه الى تأجيل مشاريع الانشاء والتعمير بسبب الميل الى الصرف على المشروعات غير الإنتاجية ، واستطرد الوزير فى خطاب الموازنة قائلاً : ( إن هذه الاخطار تملى علينا ان نشدد الرقابة المالية فى حياتنا الخاصة كانت أم العامة وإلا تعرضت البلاد لصعوبات جمة داعياً الشعب الى شد الاحزمة على البطون وادخار ما يفيض عن الحاجة وتوظيفه فى مشاريع التنمية) ، ودعا المرحوم حماد توفيق فى خطابه الشعب السوداني إلى العيش ببساطة وان يدخروا لبناء حياة أسعد فى المستقبل.
ملامح موازنة 2015
وحملت موازنة العام 2015 التى اجازها مجلس الوزراء فى جلسة خاصة بشريات جديدة شملت زيادة الانتاج النفطي وزيادة صادرات الذهب والمعادن الاخري والصادرات الزراعية والحيوانية ، بجانب تطبيق زيادة العلاوات والبدلات للعاملين بالدولة والوفاء بمتاخرات الاجور وتشجيع القطاع الخاص لجذب مزيد من الاستثمارات.
ونصت موازنة العام (2015)م والتى تعتبر موازنة الاساس للبرنامج الخماسي على زيادة في الناتج المحلي الاجمالي يصل لـ(3.6) مليار دولار، بجانب انخفاض معدل التضخم لـ(25%) ، والتحسن في ميزان المدفوعات ليصل لـ(410) مليون دولار ، بجانب تمزيق جزء كبير من فاتورة الاستيراد تقدر بـ(650) مليون دولار ، والاستقرار في  سعر الصرف، والاعتماد علي موارد حقيقية وليست الاستدانة من النظام المصرفي او غيره، على ان  لايتجاوز العجز نسبة (1.2%).
وبلغت تقديرات الايرادات العامة لموازنة العام 2015 نحو (61.4) مليار جنيه ، بينما بلغت المصرفات نحو (59.8) مليار جنيه بزيادة نحو (33%) فى الايرادات وتخفيض نحو (30%) فى المصروفات وتحقيق فائض لاول مرة فى الموازنة يبلغ (1.6) مليار جنيه ، بجانب استهداف الموازنة لتحقيق معدل نمو (6.3%) ، وخفض التضخم في حدود (25.9%) بجانب استقرار سعر الصرف واحلال الواردات وزيادة الصادرات.

اولويات موازنة
2015
وأكد بدر الدين محمود عباس وزير المالية ان موازنة العام 2015م اهتمت بالتمويل الاجتماعي وآليات الضمان الاجتماعي، ووضع برامج استراتيجية لمعالجة الديون مع الدول وخفض معدلات الفقر، كما خلت الموازنة من اية ضرائب جديدة وركز على توسع المظلة الضرائبية، التحسن الجيد للضرائب بما يزيد عن الايرادات، بجانب التركيز علي ترشيد الاعفاءات لزيادة الايرادات المتحصل دون فرض ضرائب جديدة، بالاضافة للتركيزعلى الصناعات المتوسطة والصغيرة، وإتخاذ التدابير الكفيلة لحسن توظيف الموارد المخصصة لها وتحريكها نحو الفقراء الناشطين اقتصادياً بما يسهم في خفض البطالة وخفض الفقر، مؤكداً أن الموازنة الجديدة تخصص نسبة مقدرة من الإنفاق للدعم الاجتماعي وتوسيع مظلته لتشمل كافة الفئات الضعيفة والمستهدفة، بغرض تلافي آثار الإصلاح عليها، وأكد أهمية استقطاب المصارف للنقد الأجنبي وبناء الثقة مع العملاء سيما المغتربين لاستقطاب مدخراتهم، كما تعهد الوزير بدعم استراتيجية البنك المركزي في تنويع التمويل المصرفي بدخول مصارف تنموية واستثمارية والدخول في شراكات مع القطاعات الإنتاجية في القطاع الخاص بما يعزز الاتجاه نحو تمويل الانتاج وتحريك الطاقات العاطلة سيما في القطاع الصناعي بتكامل الأدوار مع جهات الاختصاص من وزارات المالية، الصناعة، القطاع الخاص وغيرها بما يسهم في تمويل الصناعات التصديرية.
صرف المرتبات الكترونياً
 وكشف عن اتجاه الحكومة لسداد مرتبات العاملين بالدولة عبر الجهاز المصرفي وفق بطاقات الصراف الالي ، بجانب تحصيل الايرادات عبر اورنيك (15) المالي الالكتروني اعتبارا من العام 2015 .
واكد الوزير خلو الموزانة من ايه زيادة في اجور العاملين، وقال ان امر الزيادة من عدمها ستحسمها التوصيات التى سترفعها اللجنة التي شكلها رئيس الجمهورية في الفترة الماضية والتى تضم الشركاء ( وزارة المالية واتحاد العمال والقطاع الخاص والخبراء جميع الجهات المختصة)، اضاف: اذا قررت اللجنة الزيادة ستضع لها معالجة بعد الاجازة من البرلمان . وقال ان الموازنة تم فيها تطبيق منشور البدلات والعلاوات وفقا لهيكل الاجور للعام (2013)م بدلا عن العام (2004)م ، بجانب جدولة المتاخرات بسبع ولايات، بالاضافة لتطبيق مشروعات مثل تمليك قوت العاملين بالدولة عبر اتفاق مع الجهات المختصة بالتقسيط، وقال ان الموازنة ركزت علي ضرورة تحسين المعاشات والايفاء باستحقاقات المعاشات والصناديق الاجتماعية وتحيسن الصرف الاجتماعي، خاصة دعم الاسر بـ(310) الف اسرة ، وتوسيع مظلة التأمين الصحي لـ(40) الف اسرة، بجانب زيادة فرص دعم العلاج المجاني للطوارئي بالمستشفيات ، فضلا عن الخدمات الاجتماعية الاخري من مياه وصحة.

  تنمية مناطق النزاعات
وذكر الوزير ان الموازنة ركزت  علي جوانب صرف في الاتفاقيات الموقعة حول السلام  بصندوق الشرق وغيرها ، فضلا علي  تنفيذ مشروعات تنموية بالمناطق المتأثرة بالاحداث مثل جنوب كردفان والنيل الازرق ، وانشاء كباري ومطارات واكمال المشروعات التى بدأت في العام (2014)م، بجانب زيادة الصرف الاجتماعي وتحويلات الولايات الجارية والرأسمالية وانفاذ المشروعات التنموية.
خفض المصروفات
واكد الوزير انه تم الاتفاق على خفض المصروفات العمومية بالهيئات والشركات بنسبة 5% مع الإلتزام بزيادة الربط المقرر في العام الجديد لتعظيم إسهامها في الإيرادات العامة، مبيناً انه تم الاتفاق على إعادة تقييم الأصول بنهاية العام المقبل مع الإحتفاظ بسجلات إعادة التقييم الدوري بانتظام؛ ووجَه الوزير بالإلتزام ببنود الصرف في حدود الموازنة المجازة، مؤكداً أهمية توظيف التقنية وتحديث النظم المحاسبية وتبني المعايير الحديثة في الإفصاح المالي والمراجعة والإلتزام بقوانين العرض والإفصاح وإعتماد معايير الجودة والتميز لرفع كفاءة الأداء، ووجه الوزير بضرورة إلتزام مجالس الإدارات بضوابط الحوكمة بما يسهم في تطوير الإداء وزيادة القدرات المؤسسية للهيئات والشركات.
اوجه الشبه بين موازنتي  (1956 ، 2015)
من خلال السمات العامة لأول ميزانية للاستقلال ومقارنتها بموازنة العام 2015 يتضح ان هنالك اوجه شبه عديدة تكمن فى بقاء المشكلة الاقتصادية على ما هي عليه منذ الاستقلال وحتى الآن بصرف المواطن السوداني أكثر من دخله، وتأجيل تمويل مشاريع التنمية وعدم الاهتمام بالمشاريع الانتاجية التى توفر فرص العمل ، بالاضافة الى العودة بالاقتصاد الى الاعتماد علي الزراعة، ليصبح (اقتصادا زراعيا)، كما كان فى موزانة العام 1956، الى جانب العودة الى فرض قيود على الاستيراد للحد من الضغط على النقد الأجنبي، وتقييد التسهيلات الائتمانية لاستيراد السلع الاستهلاكية، وتشجيع البنوك على تمويل الانتاج بانشاء محافظ متخصصة للتمويل لانتاج الحبوب الزيتية والغذائية من اجل احلال الواردات وزيادة الصادرات.
تحقيق فائض في الموازنة
ونصت موازنتي (1956 ، 2015) على تحقيق فائض حيث حققت موازنة العام 1956 فائضاً بلغ نحو (1.8) مليون جنيه والذي يعتبر أول فائض تحققه الميزانية العامة للدولة ، بينما نصت موازنة العام 2015 على تحقيق فائض بلغ نحو (1.6) مليار جنيه والذي يعتبر آخر فائض تحققه الميزانية العامة للدولة بفضل زيادة الايرادات بنسبة (33%) لتبلغ نحو (61.4) مليار جنيه ، بينما تم تخفيض المصرفات بنسبة (30%) لتبلغ نحو (59.8) مليار جنيه وبالتالي تحقيق فائض لاول مرة فى الموازنة يبلغ (1.6) مليار جنيه.
طي متأخرات العاملين
ومن ضمن ايجابيات موازنة العام 2015 التقارب والاتفاق بين اتحاد العمال والحكومة على طي ملف الخلافات والاتفاق على معالجة قضايا العمال ودراسة امكانية زيادة الاجور بجانب الاتفاق على زيادة العلاوات والبدلات. ووفقاً لافادات المهندس يوسف علي عبد الكريم رئيس اتحاد عمال السودان فانه تم الاتفاق مع زارة المالية والاقتصاد الونى علي طي ملف متأخرات العاملين بالولايات وسداد فروقات زيادة الأجور للعام 2013 ضمن الموازنة الجديدة للعام 2015 ، بجانب الاتفاق عن تعديل الاجور والبدلات والعلاوات.  وأوضح أنه حدث اختراق لكثير من المشاكل وحسم القضايا، وكشف عن تكوين لجنة لزيادة الاجور كونت من وزارة المالية وشركاء العمل الثلاثة لحسم قضايا العاملين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق