الثلاثاء، 21 أبريل 2015

كيف أفقدت حصانة الشرطة الأمريكية المواطن أمانه

بقلم بول  كريج وربرتس
ترجمة: بانقا الياس

أكدت الأحداث  الأخيرة  في مدينة فيرجسون  الأمريكية  للعالم  اعتقاده حول عقلية الأمريكي الذي يراه خارج امريكا.  كيف قاد مدعي عام  ابيض  محكمة كبرى لتقر ببراءة رجل  شرطة  ابيض قتل صبيا أسودا أعزلا بأنه لم يرتكب  جريمة.
خاصة إن الغالبية العظمى لسكان فيرجسون تتكون من السود، الذين تستدفهم الشرطة بالارهاب والمعاملة  القاسية. ولهذا كان رد فعل السكان  السود متوقعا عندما تمت تبرئة رجل الشرطة الأبيض وكانت النتيجة انفجار الجماهير السوداء الذي  نتج  عنه الاضطرابات في  العديد من المدن والإعتداء على  الشرطة  واشعال  النيران  في  عرباتها  ونهب  المتاجر  الكبرى  وحرقها وتدمير ا لممتلكات  التي يمتلكها البيض.  وبهذا شكل  الأمر قضية جسيمة  ابعد من العنصرية  البيضاء- السوداء .
 واتذكر بأسى بالغ كيف  كان رجال الشرطة  الامريكية موثوقا بهم . وكيف يضعون انفسهم بإذعان تام لسيطرة  القانون  ويرون أن  دورهم  مساعدة  المواطنين  وحمايتهم والبحث عن المجرمين  و التحري في  الجرائم وكشف  ملابساتها بشفافية لا تعرف  التمييز بين المواطنين. وكيف يهتمون بعدم  انزال العقوبات  على  المواطنين الابرياء ولا يقتلونهم بدون اسباب. كان رجال الشرطة يضعون  ارواحهم صفا  واحدا حتى لا يرتكبوا خطأ في  استخدامهم لسلطاتهم.
لقد ذهبت تلك الازمان إلى الأبد بعد أن  تمت عسكرة الشرطة بعد احداث الحادي  عشر من سبتمبر، وربما قبلها. حيث  ُدربت الشرطة لمراقبة  العامة،خاصة أي مشكوك فيه، لدرجة أن  مجرد مخالفة  لقانون  الحركة ربما تكون خطرا على الشرطة.  علمت القوانين  الجديدة التي تم درسيها  لرجال  الشرطة استخدام العنف مع المشكوك فيهم،ومع المخالفين بهدف حماية رجل انفسهم،والتحقيق  مع المشكوك فيهم بعد أمن شرهم ، لوكانوا أحياءا بعد ضربهم ومضايقتهم ، أو اطلاق النار  عليهم.
هذا النوع  من التدريب للشرطة  مع  عدم اهليتهم،الذي يصعب  فهمه في زمن عناوين الGPS\ ، التي نتج عنها الاعتداء  على منازل المدنيين لابرياء  ،وبالرغم من  براءتهم و عدم ارتكابهم  لأي  خطأ  فقدوا  بعض  اعضاء  الأسرة،وحيواناتهم الأليفة لعنف  الشرطة الذي لا مبرر له.
 يدفع دافع الضرائب للشرطة  لملاحقة المجرمين والتحقيق  معهم  وحماية  امن المجتمع، و ليس لمهاجمة  اعضاء  المجتمع. لكن الشرطة  ُدربت لأن يروا  واجبهم حماية  انفسهم من  العامة  الميالين لأرتكاب الجرائم  بيضا كانوا أو سودا .   
ويقيم رجال  الشرطة  تحت  حماية  الجناح التنفيذي،الذي  نجح  أن ينقل  نفسة من  مسئولية المحاسبة بالقانون  والدستور. ولقد  ُصفت هذه المحاسبة لدرجة  عسكرة  الشرطة التي يمكنها الآن القتل لأي سبب لتمتعها بالحصانة والشاهد على  ذلك عمليات  القتل العديدة التي حدثت  للمواطنين وعدم تطيق العقوبات  على  مرتكبيها.
 والأمر الذي لم يتم البت فيه بعد  ما  إذا  تم تدريب  رجل  الشرطة لاستخدام السلاح فورا كأول ملاذ يلجأ إليه من قبل  أن يتم تقييم  الموقف وهل  هو في  المكان الصحيح أم لا. وهل رجال الشرطة لقنوا بأن أرواحهم أغلى  من  أرواح المواطنين المحتمل الشك فيهم، أو ارواح سكان يقيمون في منزلهم  تقتحمه بغتة قوة مدججة بالسلاح،و بأن لا يقبل ضباط الشرطة سلوكا  حكيما  في  مواجهتهم  للمواطنين؟ إذا كان هذا هو الأمر كما تشير كل الدلائل، إذن رجال الشرطة  حينما يقتلون اعضاء  المجتمع العام بلا  مبرر إن ما يقومون به  هو مجرد تطبيق للتدريب الذي  تلقوه.  وبالتالي لجوءهم للعنف من اللحظة الأولي لا يمكن  أن يخضع للمحاسبة الجنائية.
 وبينما  كان دم   مايكل بروان ما زال طريا  في  قبره  في فيرجسون  قتل  رجل شرطة في  كليفلاند صبيا اسودا  في  الثانية عشرة  من  عمره يلعب بدمية  بندقية  بلاستكية  تطلق  طلقات بلاستيكية أبلغ عنه فضولي . لم يهدد الطفل احدا وبالطبع  لم يكن  احد قربه ،ويبدو  أن الطفل كان يلعب  لعبة  خيالية يتصورها عقله.   وصل  البوليس  في  الحال وأردى الطفل قتيلا.  وتوجد اشرطة فيديو كثيرة تتناول هذه  الحادثة على شبكة  الانترنت  تم  مونتاج البعض لتقصير مدة العرض. تصور الطفل مجرد أنه كان  يلعب  على  الرصيف  جيئة  وذهابا وأن الشرطة  لم تبذل  أي  جهد مهما كان  لتقييم الموقف.
ولنبرهن  ما ذهبنا  إليه في  مسألة  تدريب  الشرطة  نورد موقفا ثالثا، إذ قامت الشرطة قبل ثلاثة أيام  من اغتيالها لمايكل بروان  في  فيرجسون، بقتل  جون كراوفورد في  اوهايو داخل  متجر  وول مارت الشهير. يا ترى  ما الذي  فعله  كراوفورد ؟ لقد اختار   بندقية للأطفال من رف المتجر وكان يتحدث على ا لتلفون مع أم أطفاله الأثنين ، ربما كان يتفاكر معها  ما إذا  كانت لعبة  مناسبة  كي يشتريها  لأطفاله. شعر فضولي  يدعي رونالد ريتشي بالخطر فبلغ الشرطة. هرع شرطي  الى داخل  المتجر وأطلق النار على كراوفورد. وأدعى فيما بعد بأنه  طلب  من  كروفورد إلقاء  البندقية، لكن الفيديو  اوضح كذب  الشرطي  بأنه أطلق  النار  عليه لمجرد رؤيته. وبذلك تسبب الفضولي ريتشي  في  مقتل  اثننين من العامة، لأن مقتل  كرافورد  احدث أزمة قلبية  لأنجلينا  وليامز اثر  محاولة  هروبها  من  المتجر كردفعل لإطلاق  البوليس  امامها النار  على موطن أعزل.
ربما  تتصورون ما الذي  حدث. قررت المحكمة  الكبرى بأن سلوك رجل  البوليس  كان مبررا.
كما إن كل  التقارير  التي  تناولت  القصة التي رواها  الضابط  دارن  ويلسون  لإطلاقه  النار على  الشاب مايكل براوان في  فيرجسون غير  مقنعة وهي  دليل آخر على تطبيقه لما تم  تدريبه  عليه.
أما  مشكلة المحكمة الكبرى أن قرارها  في  فيرجسون ليس كافيا لاستخدام  ويلسون للقوة القاتلة. لأن أي مواطن  امريكي مألوفا  لديه  نظام العدالة الجنائية  يعرف  أن أي مدعي عام يمكنه التوصل  لتبرئة  المتهم  أو  منع الإدانه في  المحكمة الكبرى. ومسموحا للمدعين العامين  أن يقرروا  نوع الأدلة التي  تقدم للمحكمة. ورشوة الشهود بالمال، أو بإسقاط  عقوبة، ويمكنهم إجبار  شهود زور  بتهديدهم بالعقوبة. ونادرا ما  تحدث إدانة ،او يتحول  رفض اتهام إلى  حقيقة.
ما عاد النظام القضائي  الامريكي مهموما بمسألة العدالة، ولكن بمستقبل  المدعين العامين،وبمعاقبة الضغفاء، وحماية  الأقوياء. كأن العدالة قد حادت عن النظام القضائي،  وعليه، فمن النادر  أن  تدهش إلى افتقار البوليس إلى أي  مفهوم للعدالة.

* نائب وزير الخزانة  في  عهد الرئيس ريغان  ومحرر  مشارك  في  صحيفة الوول ستريت  جورنال والعديد من  الدوريات  وحائز على  جائزة  وارن بروكس  للتميز الصحفي في عام1992.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق