الثلاثاء، 14 أبريل 2015

الخرطوم بيتنا الكبير

مبادرة فنية شاملة
أبو بكر الشيخ
الفنون يدٌ الآسي التي تتلمس مواطن الألم ومكامن الأوجاع في المجتمع تكشفها وتداويها وهي بذلك لم تعد كما كانت أداة للسلوى والترفيه فقط، بل أضحت الفنون بكل ضروبها وسيلة في يد من يمتلكها لبث رسائله وخدمة أفكاره، وفي هذا المنحى أطلق عدد من الفنانين يتقدمهم المخرج الشاب أبوبكر الشيخ مبادرة مجتمعية توعوية عبر مشروع (الخرطوم بيتنا الكبير) وهو مشروع يسعى إلى لفت الأنظار إلى السلوك غير الحضاري عبر الأعمال الفنية، ويعمل المشروع على مراحل تتصاعد تدريجياً من حيث حجم الأعمال واتساع مساحة الخطاب وهو الآن في مراحله الأولى. (الخرطوم الجديدة) حاولت إضاءة جوانب هذا المشروع عبر استطلاع بعض المشاركين فيه.
مبادرة جميلة
المخرج أبو بكر الشيخ مدير المشروع قال إن مشروع الخرطوم بيتنا الكبير يتحدث في مجمله عن معالجة الظواهر السلوكية السلبية عن طريق الفنون. وأوضح أبوبكر أنهم يستهدفون بهذا العمل مجتمع وﻻية الخرطوم مبدئياً وليس حصرياً إلى أن تمتد أذرعه إلى ربوع السودان كافة، وأكد أبو بكر الشيخ الدعم والاهتمام الكبيرين اللذين حظي بهما المشروع من قبل الدكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم الذي أعطى حافزاً إضافياً كبيراً للمشاركين، وأضاف أن المشروع يعتبر نموذجاً للمبادرات التي تحتاج الدعم والمساندة من كل جهات اﻻختصاص من أجل أن يستمر ويتواصل لخطورته وأهميته القصوى وذلك باعتبار أن المشروع به جهد كبير تم توظيفه في معالجة تلك الظواهر، وقدم المخرج أبوبكر الشيخ الشكر لكل الفنانين المشاركين في العمل وبنك النيل لرعايته للمشروع، وتلفزيون وﻻية الخرطوم لموافقته على الرعاية ودعمه لهذا الجهد.
مشاركة إبداعية
ويقول عبد الحفيظ على الله، الأستاذ بكلية الموسيقى والدراما، إن الجديد في مشروع الخرطوم بيتنا الكبير هو طبيعة المبادرة نفسها فقد جرت العادة على أن تأتي مثل هذه المبادرات من المؤسسات المدنية والحكومية ويستنفر فيها الفنان قدراته التطبيقية - وليست الجميلة - لتنفيذ أهداف ومخططات الجهات المبادِرة، وأوضح عبد الحفيظ أن المقصود هنا هو أبعاد الفوارق الفنية بين البوستر الموجه واللوحة الفنية حيث الشروط الفنية الجميلة تحرر الفنان من قيود الزمان والمكان والأبعاد الظرفية اللحظية، وهو بوجهة نظره الكونية تلك يجعل خدماته الاجتماعية الفنية التطبيقية رهناً لدعوات المؤسسات الحكومية والمدنية. وأضاف أن المشروع يهدف من جهة أخرى إلى تحريك وتنشيط الفنانين على اختلاف ضروبهم تجاه قضايا حيّة ومباشرة والمستهدف بهذا المشروع الفني هو الفنان في المقام الأول ثم المواطن والجهات التنفيذية، فالمشروع ليس قاصراً على جهة دون سواها فالكل معني بالمشاركة الإبداعية من أجل خدمة اجتماعية في سبيل التطلع إلى مجتمع حضاري مدني وكذلك يدرك المشروع أن معالجة السلبيات السلوكية والحياتية عموماً والتأمين على الإيجابيات يجب أن يشمل الكافة سواء أكانوا مواطنين أم سلطات تنفيذية.
شعور بالانتماء
فيصل أحمد سعد
وتحدث الدكتور فيصل أحمد سعد الأستاذ بكلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان قائلاً إن اسم المشروع (الخرطوم بيتنا الكبير) يرسل إشارات غاية في الأهمية وهي وجوب الشعور بالانتماء الذي يبعث بدوره روح الحرص على أن يكون هذا البيت على أفضل ما يكون على جميع المستويات ونحن لاحظنا أن هناك الكثير من المظاهر الحضارية الراقية التي أنجزت واكتسبتها الخرطوم في فترات سابقة إلا أنها وبسوء التعامل تدمرت وضاعت، وهناك العديد من الجهود اليومية في النظافة والتجميل تذهب أدراج الرياح. وأضاف د.فيصل بالقول إن البلاد تحتاج مع النمو والتطور المعماري إلى التوعية بالسلوك الحضاري مع المنجزات الإنسانية. وقال إن الفنون عموماً والدراما بشكل خاص لها دور كبير في هذا لحث الجمهور خصوصاً مع تزايد القادمين إلى العاصمة من الولايات لأغراض مختلفة وأهداف متباينة ونتفق مع الإضافة الثقافية الكبيرة التي تقدمها المجموعات القادمة لكن كلما زاد السكان هذا يجعل الضغط كبيراً على الجهات المسؤولة والجهات التوعوية بالبحث عن أفضل السبل للتعامل مع واقعنا، وأشار د.فيصل إلى أن شخصية "كبسور" شخصية لاقت قبولاً كبيراً من الجمهور وهذا بالطبع يجعلنا نحاول استغلال الشخصية في إيصال الرسائل المهمة عبرها. وأضاف: "أنا فخور بأن أشارك في مشروع الخرطوم بيتنا الكبير وسعيد بأن هذا المشروع أعاد إلى الفنان حقه في الفعل والمبادرة".
أصحاب الذوق الرفيع
وقال الشاعر خالد شقوري عضو المشروع إن الأدب السوداني أرسل العديد من الرسائل المهمة والكبيرة عبر الغناء أو الشعر حينما غنى الفنان عبد العزيز العميري على سبيل المثال (لو أعيش زول ليهو قيمة أسعد الناس بوجودي) أو عندما كتب الشاعر عماد الدين إبراهيم (جينا نخت إيدينا الخضرا فوقك يا أرض الطيبين)، وأمثلة أخرى كثيرة، وأعتقد أننا لم نقف عند هذه الرسائل كما يجب والآن نعود لنؤكد التجربة من جديد بتفعيل الشعر والأدب في التوعية، وقال شقوري إن أحد الأشياء الجميلة في هذا المشروع هو أنه اجتمع حوله عدد من أصحاب الذوق الرفيع والأسماء الحاضرة ومن هنا جاء اطمئناني على استمرار المشروع وعدم توقفه لأن الإصرار من الأدوات المهمة جداً للمبدع لإكمال دوره الإبداعي في أي مجال.
الجمال بكل تفاصيله
شريف شرحبيل
الفنان شريف شرحبيل، عضو فرقة عقد الجلاد الغنائية، أكد بدوره وقوف الفنانين مع مثل هذه المشروعات وقال إنه ما إن تقف أمام الفنانين في أيّ مكان تطرح لهم مثل هذه الأفكار حتى تجد آذاناً صاغية وقلوباً منفتحة ومن بعد ذلك تأتي استجابة سريعة ونحن لنا تجربة كبيرة في عقد الجلاد تؤكد ذلك، وقد عملنا على كثير من المشاريع الاجتماعية التي اجتذبت الفنانين وأسهموا فيها إسهاماً كبيراً، وأضاف شريف: إن السوداني بطبعه يمتلك ويحب الجمال بكل تفاصيله وإن ما نجده الآن من سلوك غير حضاري من البعض هو أمر غير جوهري وهو سحابة عابرة ونحن قادرون بالجهد والعمل المشترك على إبعاد كل ما هو قبيح في البيئة أو السلوك.
دراما جديدة
وقال المخرج صلاح عبد المحمود إنه حاول من خلال مشاركته في مشروع الخرطوم بيتنا الكبير بإخراج سلسة من الأعمال الدرامية حاول أن يكون الخطاب مبتكراً وجديداً ومن صلب الواقع في نفس الوقت وقال إن طريقة الخطاب التقليدي غير مجدية ولا تسترعي الانتباه، وأضاف بالقول إننا عندما نسافر إلى عواصم الدنيا المختلفة تأخذنا الغيرة على الخرطوم فنحن بالطبع نريدها أن تكون أجمل عواصم المعمورة وهي مؤهلة لذلك تماماً لذلك فإن الإنسان يظل دائماً في حاجة ماسة لمثل هذه المشاريع التي تعزز ارتباطه ببيئته ومجتمعه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق